إشكالية المدني والعسكري- قراءة في الفقه الإسلامي والقانون الحديث في الحرب

في سياق مقالاتي السابقة التي تناولت الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، تطرقت إلى مجموعة من القضايا الجوهرية، بما في ذلك بعض المفاهيم الأخلاقية والقانونية والعسكرية التي برزت خلال هذه المواجهة، سواء في البيانات الرسمية أو التحليلات المتداولة، مثل مفاهيم الدروع البشرية، والأضرار الجانبية غير المقصودة، والحق في الدفاع عن النفس، والتمييز بين المقاومة والإرهاب، وأبعاد الجهاد.
لقد بينت سابقًا كيف أن الغايات السياسية والعسكرية، في عالمنا المعاصر، غالبًا ما تتجاوز الاعتبارات الأخلاقية والقانونية؛ إذ أصبحت التبريرات الأخلاقية بمثابة أدوات يستند إليها السياسيون والعسكريون لتبرير أفعالهم، وفقًا لحسابات دقيقة تمليها المصالح السياسية، وتجنبًا للمساءلة القانونية المحتملة.
على سبيل المثال، فإن هدف القضاء على حركة حماس قد استخدم كمبرر لشن الحرب والاستمرار فيها لأكثر من ثلاثة أشهر حتى الآن، على الرغم من الدمار الهائل الذي خلفته في قطاع غزة، والخسائر البشرية الفادحة التي تجاوزت كل الحدود القانونية والأخلاقية المتعارف عليها، مما جعل المبادئ الإنسانية العالمية، مثل "حقوق الإنسان" و"حقوق الطفل" و"حقوق المرأة"، في وضع حرج وغير مسبوق.
"الحربي" صفة ذات أبعاد قانونية وسياسية متشابكة، فمن الناحية القانونية، يعتمد الحفاظ على الأرواح والممتلكات على وجود اتفاق قانوني ملزم، سواء كان ذلك عقد ذمة، أو معاهدة رسمية، أو أمان مؤقت. أما من الناحية السياسية، فإن الأمر يتعلق بشكل أساسي بالعلاقة بين الحرب والسلام بين دار الإسلام ودار الحرب.
في هذا المقال، أود أن أركز على إشكالية أخرى لا تقل أهمية، وتُعد استكمالًا لمناقشاتي السابقة، ألا وهي ثنائية المدني والعسكري في الحروب، فهي تشكل محورًا أساسيًا في تحليلاتي السابقة لمفهومي الدروع البشرية والأضرار الجانبية، كما أنها تُعد مثالًا إضافيًا يضاف إلى أمثلة أخرى، كالجهاد في غزة، التي تناولتها في مقالين سابقين. وتندرج هذه الأمثلة جميعًا تحت تساؤل كبير يتصل بإشكاليات استعادة التراث الفقهي في السياق المعاصر، خاصة بعد الفتاوى التي صدرت عقب أحداث 7 أكتوبر التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في غلاف غزة، والتي رفضت فكرة التمييز بين المدني والعسكري، ردًا على محاولات إدانة حركة حماس بتهمة ارتكاب جرائم حرب وقتل المدنيين الإسرائيليين.
وسرعان ما شهدنا، بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية، تصريحات رسمية وغير رسمية من الجانب الإسرائيلي ترفض هذا التمييز فيما يتعلق بسكان قطاع غزة، وتحملهم جميعًا مسؤولية ما حدث، بل إن بعض الشخصيات اليهودية ذهبت إلى حد رفض هذه الأفكار الحديثة التي لا تتفق مع تصورات العهد القديم، وذلك لتبرير قتل سكان غزة دون تمييز بين صغير وكبير أو مدني وعسكري، وهو ما حدث بالفعل ولا يزال مستمرًا.
تثير هذه الأحداث والمناقشات سلسلة من الأسئلة الهامة، من قبيل: هل يمكن للتصورات الأخلاقية التاريخية أن تتجاوز المواضعات القانونية الحديثة التي تنظم أخلاقيات الحروب؟ وإذا كان كل طرف سيتخلى عن مبدأ التمييز بين المدني والعسكري الذي أقره القانون الدولي، فما هي المرجعية التي يمكننا الاعتماد عليها لصياغة المعايير التي تحكم أخلاقيات الحرب؟ وهل يمكن إنكار مبدأ التمييز بين المدني والعسكري من جهة، ثم الاحتكام إليه لإدانة الطرف الآخر من جهة أخرى؟ وكيف يمكننا التعامل مع واقع دولي تفرض فيه موازين القوى تعريفات الحسن والقبح؟ وهل من الصواب السياسي والأخلاقي استهداف جميع مواطني العدو؟
هذه تساؤلات معقدة لا يمكن الإجابة عليها بشكل كامل هنا، ولكن ما يهمني هو مناقشة مشكلة استدعاء الفقه الذي سبق نشأة الدولة الحديثة في السياق المعاصر، وتحديدًا من خلال تسليط الضوء على التباين بين ثنائية المدني والعسكري، وثنائية الحربي وغير الحربي.
في البداية، يجب التأكيد على أننا بصدد ثنائيتين متباينتين وغير متطابقتين. فالثنائية الأولى، المدني والعسكري، هي ثنائية قانونية ظهرت في ظل الدولة الحديثة، ويُعد القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف المرجعين الرئيسيين في هذا التمييز. وهناك معايير إجرائية واضحة للتمييز بين المدني والعسكري تتعلق بالزي الرسمي، والأماكن، والأنشطة.
يتسم مفهوم "العسكري" بالوضوح لدى الجمهور؛ فهو يشير بشكل أساسي إلى الجندي النظامي، ويندرج تحته أي شخص يساعد في المهام القتالية أثناء الحرب، حتى لو كان في الأصل مدنيًا؛ لأنه يفقد صفته المدنية في هذه الحالة. والجندي الاحتياطي يعتبر مدنيًا أيضًا، ولكنه يفقد هذه الصفة عند انضمامه إلى الأعمال الحربية. إذًا، المعيار الأساسي هنا هو الانخراط في عمل قتالي أو المساعدة فيه أثناء الحرب، وهذا ما يميز مفهوم "العسكري" الحديث عن مفهوم "الحربي" الفقهي الذي يتسم باتساع نطاقه.
أما الثنائية الثانية، الحربي وغير الحربي، فهي تنتمي إلى الشريعة التي كانت سائدة قبل نشأة الدولة الحديثة، وهي جزء من رؤية العالم القديم التي كانت تقسمه إلى دار إسلام ودار حرب، أو دار كفر كانت في معظم الحالات دار حرب.
ينطوي مفهوم "الحربي" على بعض التعقيد؛ لأنه يقابله، في رؤية عالم ما قبل الدولة الحديثة، مفهومان أساسيان، هما: الذمي والمعاهد. الذمي هو الشخص الذي يتمتع بعضوية "دار الإسلام" ويخضع لسلطتها، بينما المعاهد هو عضو في دولة تربطها بـ "دار الإسلام" معاهدة أو اتفاق. ومع ذلك، هناك مفهوم ثالث يظهر هنا في مقابل مفهوم الحربي، وإن كان يتداخل معه، وهو المستأمن، أي الشخص الذي يدخل "دار الإسلام" من أهل "دار الحرب" بشكل مؤقت، ويحصل على أمان من ولي الأمر في دار الإسلام، أو من أي جهة أخرى مخولة بذلك.
من الواضح أن صفة "الحربي" تشير إلى وضع قانوني وسياسي في آن واحد، فمن الناحية القانونية، يعتمد الحفاظ على الأرواح والممتلكات على وجود عقد قانوني، سواء كان عقد ذمة، أو معاهدة، أو أمان مؤقت. أما من الناحية السياسية، فإن الأمر يتعلق بشكل أساسي بعلاقة الحرب والسلام بين دار الإسلام ودار الحرب.
فإذا تم إبرام أحد العقود المشار إليها، فإن ذلك يخلق وضعًا خاصًا يستثنى من حالة الحرب التي تعتبر الوضع الافتراضي بالنسبة لـ "الحربي"، ولذلك سمي حربيًا، أي نسبة إلى الحرب أو إلى أهل دار الحرب. فالحربي هو غير المسلم الذي لم يدخل في عقد الذمة، ولا يتمتع بأمان المسلمين ولا عهدهم، أي أنه لا يزال في حالة حرب دون وجود أي من العقود الثلاثة السابقة التي تؤسس لحالة سلم دائمة أو مؤقتة.
ومما يدل على التركيبة المعقدة لمفهوم الحربي أن "المستأمن"، على سبيل المثال، هو حربي لا يتمتع بعقد الذمة ولا يوجد أي عهد يربط بين دولته ودار الإسلام، ولكنه حصل على أمان مؤقت (يشبه التأشيرة) ينتهي بمدة محددة، ويتم إنذاره إذا تجاوزها. وقد يتحول أمانه إلى عقد ذمة بمرور الوقت، فيتحول الأمان المؤقت إلى علاقة سلم دائمة. بل إن المستأمن إذا غادر إلى بلاده بهدف التجارة أو الزيارة (وليس الإقامة والاستقرار)، فإن أمانه يظل ساري المفعول.
ومن بين التطبيقات المعاصرة لمفهوم "المستأمن" نجد العاملين في السفارات، والسياح، والعاملين في الشركات، وغيرهم، حتى لو كانت بلدانهم من بلاد أهل الحرب؛ لأنهم دخلوا بلاد الإسلام بأمان، وبالتالي لا يجوز التعرض لهم.
يتضح الآن بجلاء وجود اختلاف جوهري بين الثنائيتين؛ فلكل ثنائية منطقها الخاص، وتعمل ضمن منظومة محددة، وتنتمي إلى رؤية معينة للعالم، وإلى منظومة قانونية وأخلاقية مختلفة. فالثنائية الأولى تدور حول المشاركة الفعلية في الأعمال الحربية من عدمها (تسمى بالتعبير الكلاسيكي المقاتلة) من جهة، وعلى حماية المدني الذي ليس طرفًا في الحرب من جهة أخرى.
أما الثنائية الثانية فتتمحور حول أمرين رئيسيين: الأول هو عضوية دار الحرب، حتى في غياب حرب فعلية في تلك اللحظة، والثاني هو غياب أي التزام بأي نوع من أنواع العقود، كالذمة والعهد والأمان. ومن شأن الأمر الأول، أي عضوية دار الحرب، أن يجعل كل عضو في دار الحرب حربيًا، وهذا ما يميز ثنائية الحربي وغير الحربي عن ثنائية المدني والعسكري التي تبدو أكثر تحديدًا هنا.
إلا أن استباحة دم كل عضو في دار الحرب يمثل إشكالية كبيرة؛ لأن الفقهاء أجمعوا على حماية فئات معينة من مواطني دار الحرب، وهذا أمر يضاف إلى الأوصاف أو العقود الثلاثة السابقة، كالذمة والعهد والأمان. من بين هذه الفئات النساء والصبيان، إذا لم يشاركوا في القتال، فهؤلاء يتمتعون بالحماية ويحرم قتلهم في الحرب بإجماع العلماء، ولكن إذا شاركت النساء في القتال، فإن جمهور العلماء يتفق على جواز قتل من تقاتل منهن؛ فالعلة هنا تدور حول القتال الفعلي، أي تحول المرأة إلى "عسكري" بالمفهوم الحديث.
بل إن هناك فئات أخرى من الحربيين اختلف الفقهاء بشأنها. على سبيل المثال، لا يجيز فقهاء الحنفية قتل الشيخ الهرم، والمقعد، واليابس الشق، والأعمى، ومقطوع اليد والرجل من خلاف، ومقطوع اليد اليمنى، والمعتوه، والراهب في صومعته، والسائح في الجبال الذي لا يخالط الناس، ومن في دار أو كنيسة ترهبوا وأُطبق عليهم الباب. والقول المشهور عن فقهاء المالكية هو عدم جواز قتل الأجراء والحرّاثين وأرباب الصنائع. يوضح هذا أمرين هامين:
- الأول: أنه ليس كل حربي يجوز قتله في الحرب عند الفقهاء، بل هناك اعتبارات ومعايير يجب أخذها في الحسبان.
- والثاني: أنه ليس كل مدني (بالمصطلح الحديث) هو حربي (بالمصطلح الفقهي) يجوز سفك دمه في الحرب.
فالحربي مفهوم وصفي لا يكفي بمجرده لتبرير إباحة دم صاحبه عند الفقهاء، بل يجب هنا تحقق معيارين أساسيين:
- الأول: أن ينتفي أي التزام قانوني أو سياسي، فقد ذكرنا أن الحربي هو من ليس من أهل الذمة، ولم ينخرط في عهد أو أمان.
- الثاني: أن يكون هذا الحربي "من أهل القتال" حقيقة أو معنى، فكل من لا يندرج تحت هذه الفئة لا يحل قتله في الحرب، إلا إذا قاتل حقيقة أو معنى (بالرأي والتحريض). ولهذا السبب استثنى فقهاء ما قبل الدولة الحديثة الفئات المذكورة سابقًا، كالنساء والأطفال، لأنهم لم يكونوا في ذلك الزمن من أهل القتال، نظرًا لترتيبات ما قبل الدولة الحديثة وطبيعة القتال وأدواته وتنظيماته. كما استُثني الشيخ الفاني، لأنه لا قدرة لديه على القتال، وكذلك الراهب أو الراهبة، لأنهما منعزلان حتى إنهما لا يُؤسران ولا يُسْتَرَقّان في مذهب مالك.
توضح هذه الأمور مجتمعة الإشكالية التي يواجهها بعض المشتغلين بالفتوى من المعاصرين الذين صرحوا، في أعقاب أحداث 7 أكتوبر، بأنه لا يوجد مدني في إسرائيل؛ فهذا يمثل خلطًا واضحًا بين المفاهيم، ويتجلى ذلك في الأمور التالية:
- الأول: أن المدني مفهوم قانوني حديث راسخ في العرف الدولي، وينطبق على أهل غزة، كما ينطبق على جميع الإسرائيليين الذين لم ينخرطوا في عمل قتالي أو تحريضي، ولم يساعدوا فيه. ولا يجوز بأي حال من الأحوال الخلط بين هذا المفهوم ومفهوم الحربي.
- الثاني: أن تطبيق المصطلحات الفقهية التاريخية على عموم الإسرائيليين يمثل إشكالية من الناحية الفقهية، فليس كل الإسرائيليين حربيين يجوز إهدار دمهم وفقًا للمنظور الفقهي الكلاسيكي، وقد يحتج بعض العلماء، ممن يتمسكون بحرفية الموروث الفقهي، بوجود عقود أبرمها أولياء الأمور مع الإسرائيليين، من شأنها أن تؤثر في توصيف الإسرائيليين أنفسهم، بحيث قد ينتقلون من وصف الحربي إلى وصف آخر من الأوصاف المقابلة له، كالمعاهد والمستأمن؟ وهذا منظور إشكالي، تمامًا كما أن إهدار التمييز بين المدني والعسكري بشكل كامل يمثل مشكلة بنفس القدر؛ إذ إن استهداف الأطفال في الحرب، على سبيل المثال، لا يجوز بإجماع الفقهاء، فكيف يمكن إهدار هذه الثنائية بشكل كامل!
إن استثمار الموروث الفقهي في عالم اليوم قد يفرض على المستثمرين التزامات غالبًا ما يتجاهلونها، على الرغم من أن هذه الالتزامات جزء لا يتجزأ من منظومة الشريعة التي كانت سائدة قبل نشأة الدولة الحديثة، ويتضح ذلك من خلال الأمور التالية:
- الأول: غياب النظرة الشاملة والمنظومية. فتطبيق الموروث في السياق المعاصر، على استقامته، سيؤدي إلى استحضار باقي منظومة ما قبل الدولة الحديثة، كالاسترقاق والأسر ونقض العهد (لمن قام بينهم العهد) من قبل الإمام بشروطه المذكورة في الفقه، وغير ذلك من تفاصيل المنظومة التي لا ينتبه هؤلاء المستثمرون إلى إشكالياتها وحجم الورطة التي يمكن أن يقعوا فيها إذا ما أُلزموا بقوانين فقه ما قبل الدولة؛ بعيدًا عن انتقائيتهم المريحة التي يمارسونها لخدمة رؤية قاصرة لا تتسق مع ما أسميه "نظام الفقه"، ولا تتسق مع متغيرات الدولة الحديثة: مفاهيم وقوانين، ولكنها تقدم رؤية هجينة لا تستقيم وفق أي منظومة!.
- الثاني: أن هذه المسائل هي في جوهرها مسائل سياسية قائمة على المصلحة في المنظور الفقهي، وإن ورد في بعضها نصوص حديثية، فهي تخضع لحسابات المصالح العامة وفق تقديرات الإمام، وفقًا لمنظور ما قبل الدولة الحديثة. فقد يمنح ولي الأمر الحماية لفئات معينة من الحربيين، وقد يصدر أمرًا إلى الجيش بعدم التعرض بالقتل لأشخاص معينين بأسمائهم أو بأوصاف محددة تميزهم عن غيرهم، بناءً على مصلحة أو تمسكًا باتفاق سابق.
وهنا نجد أنفسنا أمام تطبيق حديث لهذا التصور الكلاسيكي، وهو الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها دول اليوم؛ فإذا كان الفقهاء الكلاسيكيون قد أجازوا منح الأمان للحربي من قبل بعض الأفراد، فكيف يكون الوضع في ظل عالم اليوم شديد التعقيد الذي تحكمه اتفاقات ومنظومات قانونية وسياسية معقدة؟
- الثالث: عدم مراعاة التحولات السياسية والعسكرية التي صاحبت الانتقال من عصر ما قبل الدولة الحديثة إلى الدولة الحديثة، وتطور أدوات الحرب وتقنياتها، الأمر الذي سيترك أثرًا بالغًا على أهمية التمييز بين الأفراد في الحرب، ومعايير ذلك التمييز أيضًا من الناحية الإجرائية، فضلًا عن تبدلات المفاهيم الحديثة بالمقارنة مع مفاهيم ما قبل الدولة الحديثة، أي أن المعيار الكلاسيكي لـ "مِن أهل القتال" سيختلف اليوم بالنظر إلى تشكيل الجيش النظامي، ومفهوم الحرب وأدواتها العسكرية المدمرة.
إن إغفال هذه المتغيرات قد يؤدي إلى متابعات قانونية دولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وإن كانت إجراءات التقاضي في ذلك تخضع لموازين القوى وسياسات الدول الكبرى، إلا أن ذلك لا يخل بالمبدأ نفسه.
